فوائد من فتح الباري شرح صحيح البخاري
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -إِذَا أَمَرَهُمْ أَمَرَهُمْ مِنْ الْأَعْمَالِ بِمَا يُطِيقُونَ.
قَالُوا: إِنَّا لَسْنَا كَهَيْئَتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ.
فَيَغْضَبُ حَتَّى يُعْرَفَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: إِنَّ أَتْقَاكُمْ وَأَعْلَمَكُمْ بِاللَّهِ أَنَا."
وفي هذا الحديث فوائد:
الأولى: أن الأعمال الصالحة ترقي صاحبها إلى المراتب السنية من رفع الدرجات ومحو الخطيئات، لأنه -صلى الله عليه وسلم -لم ينكر عليهم استدلالهم ولا تعليلهم من هذه الجهة، بل من الجهة الأخرى.
الثانية: أن العبد إذا بلغ الغاية في العبادة وثمراتها، كان ذلك أدعى له إلى المواظبة عليها، استبقاء للنعمة، واستزادة لها بالشكر عليها.
الثالثة: الوقوف عند ما حد الشارع من عزيمة ورخصة، واعتقاد أن الأخذ بالأرفق الموافق للشرع أولى من الأشق المخالف له.
الرابعة: أن الأولى في العبادة القصد والملازمة، لا المبالغة المفضية إلى الترك، كما جاء في الحديث الآخر: " المنبت - أي المجد في السير - لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى".
الخامسة: التنبيه على شدة رغبة الصحابة في العبادة وطلبهم الازدياد من الخير.
السادسة: مشروعية الغضب عند مخالفة الأمر الشرعي، والإنكار على الحاذق المتأهل لفهم المعنى إذا قصر في الفهم، تحريضا له على التيقظ.
السابعة: جواز تحدث المرء بما فيه من فضل بحسب الحاجة لذلك عند الأمن من المباهاة والتعاظم.
الثامنة: بيان أن لرسول الله -صلى الله عليه وسلم -رتبة الكمال الإنساني لأنه منحصر في الحكمتين العلمية والعملية، وقد أشار إلى الأولى بقوله: " أعلمكم"، وإلى الثانية بقوله: " أتقاكم"، ووقع عند أبي نعيم " وأعلمكم بالله لأنا " بزيادة لام التأكيد. (1/72)
وفي رواية أبي أسامة عند الإسماعيلي: " والله إن أبركم وأتقاكم أنا"
0 التعليقات:
إرسال تعليق